الملحق 8أ: شرائع الله التي تتطلّب وجود الهيكل

هذه الصفحة جزء من سلسلة تشرح شرائع الله التي لم يكن يمكن طاعتها إلا عندما كان الهيكل قائمًا في أورشليم.

المقدمة

منذ البداية، حدّد الله أن أجزاء معيّنة من شريعته لا تُمارَس إلا في مكان واحد فقط: الهيكل الذي اختار أن يُسكن اسمه فيه (تثنية ١٢:٥-٦؛ تثنية ١٢:١١). كثير من الفرائض التي أُعطيت لإسرائيل — الذبائح، التقدمات، طقوس التطهير، النذور، وخدمات الكهنوت اللاوي — كانت تعتمد على مذبح مادي، وعلى كهنة من نسل هارون، وعلى نظام للطهارة لا يوجد إلا حين يكون الهيكل قائمًا. لم يعلّم أي نبي، ولا حتى يسوع، أن هذه الوصايا يمكن نقلها إلى مكان آخر، أو تكييفها مع ظروف جديدة، أو استبدالها بممارسات رمزية، أو طاعتها جزئيًا. فالحقيقة واضحة: إمّا أن نعمل تمامًا بما أوصى به الله، أو نحن غير مطيعين: «لا تُضِف إلى ما أوصيكم به ولا تُنقِص منه، بل احفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا آمركم بها» (تثنية ٤:٢؛ انظر أيضًا تثنية ١٢:٣٢؛ يشوع ١:٧).

التغيّر في الظروف

بعد دمار الهيكل في أورشليم سنة ٧٠ ميلادية، تغيّر الوضع. ليس لأن الشريعة تغيّرت — فشريعة الله كاملة وأبدية — بل لأن العناصر التي اشترطها الله لتنفيذ هذه الوصايا اختفت. فبدون هيكل، وبدون مذبح، وبدون كهنة مُقدَّسين، وبدون رماد البقرة الحمراء، يصبح من المستحيل حرفيًا إعادة ما أطاعته أجيال موسى ويشوع وداود وحزقيا وعزرا والرسل. المسألة ليست قلّة رغبة؛ بل استحالة. الله نفسه هو الذي أغلق هذا الباب (مراثي ٢:٦-٧)، ولا يملك أي إنسان سلطة اختراع بديل آخر.

لوحة لفرانشيسكو هايز تُظهر دمار الهيكل الثاني سنة ٧٠ ميلادية
لوحة لفرانشيسكو هايز تُظهر دمار الهيكل الثاني سنة ٧٠ ميلادية.

خطأ الطاعة المُختَرَعة أو الرمزية

ومع ذلك، فقد ابتكرت جماعات مسيانية كثيرة، وأخرى تحاول استعادة نمط الحياة الإسرائيلية القديمة، أشكالًا مُخفّفة أو رمزية أو مُعادَة الصياغة لهذه الشرائع. يقيمون احتفالات لم يأمر بها التوراة. ويخترعون «بروفات للأعياد» و«مواسم نبوية» كبديل لما كان يتطلب ذبائح وكهنوتًا ومذبحًا مقدسًا. ويُسمّون هذه الابتكارات «طاعة»، بينما هي في الحقيقة مجرد اختراعات بشرية مزيّنة بلغة كتابية. قد تبدو النوايا حسنة، لكن الحقيقة لا تتغيّر: لا وجود لشيء اسمه طاعة جزئية عندما يحدّد الله كل تفصيل مما يطلبه.

حائط المبكى، أحد بقايا هيكل أورشليم
حائط المبكى، المعروف أيضًا بالحائط الغربي، هو بقايا من هيكل أورشليم الذي دمّره الرومان سنة ٧٠ ميلادية.

هل يقبل الله محاولاتنا لفعل ما منعه؟

من أخطر الأفكار المنتشرة اليوم الاعتقاد بأن الله يُسرّ بمحاولاتنا «بذل أقصى جهد» لطاعة الوصايا التي كانت تعتمد على الهيكل، وكأنّ دمار الهيكل حدث رغمًا عن إرادة الله، وأننا بوسائل رمزية يمكن أن نُقدّم له عزاءً ما. هذا فهم خاطئ وخطير. الله لا يحتاج إلى بدائلنا المبتكَرة. ولا يحتاج إلى رموزنا. وليس مُكرَّمًا عندما نتجاهل تعليماته الدقيقة لنخترع نسخًا بشرية لما نُسميه «طاعة». فإذا أمر الله بأن تُمارَس شرائع معينة فقط في المكان الذي اختاره، ومع الكهنة الذين عيّنهم، وعلى المذبح الذي قدّسه (تثنية ١٢:١٣-١٤)، فإن محاولة ممارستها في مكان آخر — أو في شكل آخر — ليست تقوى، بل عصيان. لم يُزَل الهيكل صدفة، بل بقرار إلهي. والتصرّف كما لو أنّ بإمكاننا إعادة ما أوقفه الله نفسه ليس وفاءً، بل تجرّؤًا: «هل يُسَرّ الرب بالمحرقات والذبائح كما يَسُرّ بطاعته؟ هوذا الطاعة خير من الذبيحة» (١ صموئيل ١٥:٢٢).

هدف هذه السلسلة

هدف هذه السلسلة هو توضيح هذه الحقيقة. نحن لا نرفض أي وصيّة. ولا نقلّل من أهمية الهيكل. ولا نختار أي الشرائع نُطيع وأيها نتجاهل. بل نعرض ما أوصت به الشريعة بالضبط، وكيف طُبِّقت في الماضي، ولماذا يستحيل طاعتها اليوم. سنبقى أمناء للكتاب دون إضافات أو تعديلات أو إبداع بشري (تثنية ٤:٢؛ تثنية ١٢:٣٢؛ يشوع ١:٧). وسيَفهَم كل قارئ أن استحالة اليوم ليست تمرّدًا، بل مجرد غياب البنية التي اشترطها الله نفسه.

ونبدأ إذن من الأساس: ما الذي أوصت به الشريعة فعليًا — ولماذا لم يكن ممكنًا طاعة ذلك إلا حين كان الهيكل قائمًا.



شارك هذا!