هذه الصفحة جزء من سلسلة تشرح شرائع الله التي لم يكن يمكن طاعتها إلا عندما كان الهيكل قائمًا في أورشليم.
- الملحق 8أ: شرائع الله التي تتطلّب وجود الهيكل
- الملحق 8ب: الذبائح — لماذا يستحيل حفظها اليوم
- الملحق 8ج: الأعياد الكتابية — لماذا لا يمكن حفظ أيٍّ منها اليوم
- الملحق 8د: شرائع التطهير — لماذا لا يمكن حفظها بدون الهيكل
- الملحق 8هـ: العشور وأوائل الثمر — لماذا يستحيل حفظها اليوم
- الملحق 8و: خدمة الشركة — العشاء الأخير ليسوع كان فصحًا
- الملحق 8ز: شرائع النذير والنذور — لماذا يستحيل حفظها اليوم
- الملحق 8ح: الطاعة الجزئية والرمزية المرتبطة بالهيكل (هذه الصفحة).
- الملحق 8ط: الصليب والهيكل
يُعتَبَر أحد أعظم سوء الفهم في الدين المعاصر هو الاعتقاد بأن الله يقبل الطاعة الجزئية أو الطاعة الرمزية بدل الوصايا التي أعطاها بنفسه. لكن شريعة الله دقيقة. فكل كلمة، وكل تفصيل، وكل حدّ أعلنه من خلال أنبيائه ومن خلال المسيح يحمل كل سلطان الله. لا يجوز إضافة شيء، ولا حذف شيء (التثنية ٤: ٢؛ التثنية ١٢: ٣٢). وفي اللحظة التي يقرّر فيها الإنسان أن جزءًا من شريعة الله يمكن تعديله أو تليينه أو استبداله أو إعادة تخيّله، لا يعود يطيع الله، بل يطيع نفسه.
دقّة الله وطبيعة الطاعة الحقيقية
لم يعطِ الله وصايا غامضة، بل وصايا دقيقة. عندما أوصى بالذبائح، حدّد الحيوانات والكهنة والمذبح والنار والمكان والوقت. وعندما أوصى بالأعياد، عيّن الأيام والتقدمات ومتطلبات الطهارة ومكان العبادة. وعندما أوصى بالنذور، أوضح كيف تبدأ، وكيف تستمر، وكيف يجب أن تُختَم. وعندما أوصى بالعشور وأوائل الثمر، بيّن ما الذي يُقدَّم، وأين يُقدَّم، ولمن يُعطى. لم يكن شيء منها معتمدًا على الخيال البشري أو التفسير الشخصي.
هذه الدقة ليست صدفة، بل تعكس طبيعة الذي أعطى الشريعة. فالله لا يتساهل، ولا يقرِّب تقريبًا، ولا يترك مجالًا للاجتهاد الحرّ. إنه يطلب الطاعة لما أوصى، لا لما يتمنّى الناس لو أنه أوصى به.
لذلك عندما يطيع شخصٌ ما الوصية جزئيًا، أو يستبدل الأعمال المطلوبة بأعمال رمزية، لا يعود يطيع الله، بل يطيع نسخة من الوصية اخترعها هو.
الطاعة الجزئية هي عصيان
الطاعة الجزئية هي محاولة حفظ العناصر «السهلة» أو «المريحة» من الوصية، ورفض العناصر التي تبدو صعبة أو مكلفة أو مقيِّدة. لكن الشريعة لا تأتي على شكل أجزاء منفصلة. فمَن يطيع انتقائيًا يرفض عمليًا سلطان الله على الأجزاء التي يهملها.
لقد حذّر الله إسرائيل مرارًا من أن رفض أي تفصيل من وصاياه هو تمرّد (التثنية ٢٧: ٢٦؛ إرميا ١١: ٣-٤). وأكّد يسوع الحقيقة نفسها عندما قال إن مَن يرخّي واحدة من أصغر هذه الوصايا يُدعى أصغر في ملكوت السماوات (متى ٥: ١٧-١٩). لم يمنح المسيح أحدًا الإذن بتجاهل الأجزاء الصعبة والاستمرار في حفظ الباقي.
من المهم أن يفهم الجميع أن الشرائع المرتبطة بالهيكل لم تُلغَ قط. لقد أزال الله الهيكل، لكنه لم يلغِ الشريعة. وعندما لا يمكن تنفيذ الوصية كاملة، لا تكون الطاعة الجزئية خيارًا. بل يجب على العابد أن يكرم الشريعة بأن يرفض تعديلها.
الطاعة الرمزية هي عبادة من صنع البشر
الطاعة الرمزية أخطر من ذلك. وهي تحدث عندما يحاول الإنسان أن يستبدل وصية مستحيلة التنفيذ بعمل رمزي يهدف إلى «تكريم» الشريعة الأصلية. لكن الله لم يصرّح ببدائل رمزية. لم يسمح لإسرائيل أن تستبدل الذبائح بالصلوات أو الأعياد بالتأملات بينما كان الهيكل قائمًا. لم يسمح بنذور نذير رمزية. لم يسمح بعشور رمزية. ولم يقل لأحد إن الطقوس الخارجية يمكن اختصارها إلى نسخ مبسّطة يمكن تنفيذها في أي مكان.
إن إنشاء طاعة رمزية يُظهِر وكأن استحالة الطاعة الجسدية فاجأت الله، وكأن الله يحتاج إلى مساعدتنا لنُحاكي شيئًا أزاله هو بيده. لكن هذا إهانة لله، لأنه يعامل وصاياه كأنها قابلة للتعديل، ودقّته كأنها أمر يمكن التفاوض بشأنه، ومشيئته كأنها تحتاج إلى «مساندة» من إبداع البشر.
الطاعة الرمزية هي عصيان، لأنها تستبدل الوصية التي نطق بها الله بشيء لم ينطق به.
عندما تصبح الطاعة مستحيلة، يطلب الله الامتناع لا الاستبدال
عندما أزال الله الهيكل والمذبح والخدمة اللاوية، أطلق تصريحًا حاسمًا: بعض الوصايا لم تعد قابلة للتنفيذ. لكنه لم يصرّح بأن شيئًا ما يمكن أن يحلّ محلّها.
والاستجابة الصحيحة لوصية لا يمكن تنفيذها جسديًا بسيطة:
نمتنع عن تنفيذها إلى أن يعيد الله وسائل الطاعة.
هذا ليس عصيانًا، بل هو طاعة لحدود وضعها الله نفسه. إنه خوف الرب مُعبَّرًا عنه بالاتضاع وضبط النفس.
أما اختراع نسخة رمزية من الشريعة فليس تواضعًا، بل تمرّد متنكر في شكل تقوى.
خطر «النسخ الممكن تنفيذها»
يحاول الدين المعاصر كثيرًا أن يخلق «نسخًا ممكنة التنفيذ» من وصايا جعلها الله مستحيلة الأداء:
- خدمة الشركة المُخترَعة لتحلّ محل ذبيحة الفصح
- تبرّع مالي بنسبة ١٠٪ يحلّ محلّ العشر الذي حدّده الله
- «بروفات» للأعياد تحلّ محلّ التقدمات المأمورة في أورشليم
- ممارسات نذير رمزية تحلّ محلّ نذر النذير الحقيقي
- «تعاليم عن الطهارة» رمزية تحلّ محلّ نظام الطهارة الكتابي
كل هذه الممارسات تتبع النمط نفسه:
- أعطى الله وصية دقيقة.
- أزال الله الهيكل، فصارت الطاعة مستحيلة.
- اخترع الناس نسخة معدَّلة يمكنهم تنفيذها.
- ثم دعوها طاعة.
لكن الله لا يقبل بدائل عن وصاياه. إنه يقبل فقط الطاعة كما عرّفها هو.
إن اختراع بديل يعني ضمنًا أن الله أخطأ التقدير — وكأنه كان يتوقّع استمرار الطاعة لكنه فشل في الحفاظ على وسائل الطاعة. هذا يُعامِل حكمة الله وكأنها ناقصة، ويجعل عبقرية الإنسان «حلًا» لمشكلة لم توجد إلا في عقول البشر.
الطاعة اليوم: إكرام الشريعة دون تعديلها
الموقف الصحيح اليوم هو ذات الموقف المطلوب في كل أسفار الكتاب: نطيع كل ما جعله الله ممكنًا، ونرفض أن نغيّر ما لم يجعله ممكنًا.
- نحفظ الوصايا التي لا تعتمد على الهيكل.
- نكرم الوصايا التي تعتمد على الهيكل بأن نرفض تعديلها.
- نرفض الطاعة الجزئية.
- نرفض الطاعة الرمزية.
- نخاف الله إلى درجة أننا لا نطيع إلا ما أوصى به، وبالطريقة التي أوصى بها.
هذه هي الإيمان الحقيقي. هذه هي الطاعة الحقيقية. وما عدا ذلك فهو ديانة من صنع البشر.
القلب الذي يرتعد عند كلامه
يُسَرّ الله بالعابد الذي «يَرْتَعِدُ مِنْ كَلاَمِي» (إشعياء ٦٦: ٢)، لا بالعابد الذي يعيد تشكيل كلامه ليجعله مريحًا أو ممكنًا. والإنسان المتواضع يرفض أن يخترع شرائع جديدة لتحلّ محلّ تلك التي جعلها الله مؤقتًا خارج متناول اليد. إنه يدرك أن الطاعة يجب أن تطابق الوصية التي نطق بها الله بالفعل.
تبقى شريعة الله كاملة لا عيب فيها. لم يُبطَل منها شيء. لكن ليست كل وصية قابلة للتنفيذ اليوم. والاستجابة الأمينة هي أن نرفض الطاعة الجزئية، ونرفض الطاعة الرمزية، ونكرم الشريعة تمامًا كما أعطاها الله.
























